تُحيي تونس اليوم، 25 جويلية 2025، الذكرى الثامنة والستين لإعلان الجمهورية، وهو اليوم الذي مثّل نقطة تحوّل فارقة في تاريخ البلاد، حيث تم إلغاء النظام الملكي بصفة نهائية واعتماد النظام الجمهوري.
وجاء هذا التحوّل التاريخي بعد قرار المجلس القومي التأسيسي المنتخب في 25 مارس 1957، بإلغاء الملكية الحسينية التي امتدّت لقرون، وتنصيب الزعيم الحبيب بورقيبة أوّل رئيس للجمهورية التونسية.
في مثل هذا اليوم من سنة 1957، أنهت تونس رسميًا نظام حكم البايات الذي استمر منذ سنة 1705، ليُفتح عهد جديد قائم على قيم السيادة الشعبية والمؤسسات الجمهورية.
وكان هذا التحوّل السياسي تتويجًا لنضالات طويلة خاضها الشعب التونسي ضد الاستعمار الفرنسي منذ انتصاب الحماية سنة 1881، مرورًا بانتفاضات شعبية ومحطات مقاومة وطنية، وصولًا إلى توقيع اتفاق الاستقلال الداخلي في 1955 والاستقلال التام في 20 مارس 1956.
إعلان الجمهورية لم يكن مجرد تغيير شكلي في طبيعة الحكم، بل جاء محمّلًا بمشروع سياسي واجتماعي واسع حمله الحزب الحر الدستوري الجديد بقيادة بورقيبة، والذي سعى إلى بناء دولة وطنية حديثة تقوم على مفاهيم المواطنة، فصل السلطات، إصلاح التعليم، وتحرير المرأة، في إطار دولة مستقلة ذات سيادة.
ومنذ ذلك التاريخ، أصبح 25 جويلية يومًا وطنيا يُمثّل رمزًا للقطيعة مع أنظمة الحكم التقليدية وبداية تجربة تونسية في بناء المؤسسات السياسية والمدنية.
ومع مرور العقود، تنوّعت تحديات الجمهورية بين بناء الدولة، تكريس الحريات، وتثبيت الديمقراطية، خاصة بعد الثورة التونسية سنة 2011 التي فتحت فصلًا جديدًا من المسار الجمهوري بمضامين دستورية وسياسية جديدة.
وتحيي تونس هذه الذكرى في مناخ إقليمي ودولي متغيّر، وتحت أسئلة كبرى تتعلق بمستقبل الدولة الاجتماعية، واستحقاقات الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتثبيت دعائم السيادة الوطنية.