في خطوة فاجأت المراقبين، أعلن الملياردير الأميركي إيلون ماسك عن تأسيس حزب سياسي جديد تحت اسم "حزب أميركا"، متعهداً بتمثيل ما سماه "80 في المئة من الأميركيين الوسطيين" الذين لا يشعرون بالانتماء إلى الحزبين الرئيسيين في البلاد.
لكن، رغم ما يمتلكه من ثروة هائلة ونفوذ إعلامي واسع، تواجه هذه المغامرة السياسية تحديات عميقة، قد تحبطها قبل أن تنضج فعليا.
نظام انتخابي لا يرحم..
البيئة السياسية الأميركية لا ترحب بالأحزاب الجديدة. فالنظام الانتخابي يعتمد على قاعدة "الفائز يحصد كل شيء"، ما يجعل اختراق الحزبين الجمهوري والديمقراطي شبه مستحيل.. للحصول على تمثيل رسمي، يتعين على حزب ماسك تسجيل نفسه في كل ولاية على حدة، وجمع عشرات آلاف التوقيعات، وهي مهمة مرهقة ومكلفة سياسياً وتنظيمياً.
تاريخ طويل من الخيبات..
منذ عام 1968، لم ينجح أي مرشح من خارج الحزبين الكبيرين في الحصول على أي أصوات من المجمع الانتخابي، حتى الحملات الضخمة مثل تلك التي خاضها الملياردير روس بيرو عام 1992، والتي حصل فيها على نحو 19% من الأصوات الشعبية، لم تُترجم إلى تأثير سياسي فعلي.
استراتيجية ضبابية..
حتى الآن، لم يعلن ماسك عن الولايات التي سيخوض فيها الانتخابات أو أسماء المرشحين المحتملين، هذه الضبابية تثير الشكوك حول مدى جدية المشروع. ويخشى بعض المحللين من أن يؤدي دخوله إلى تشتيت أصوات الناخبين المحافظين، مما يصب في مصلحة الديمقراطيين بشكل غير مباشر.
جمهور غير متماسك..
يراهن ماسك على ما يسميه "الأغلبية الصامتة" أو "الوسطية"، إلا أن هذه الفئة ليست كتلة واحدة، فهي تضم محافظين اجتماعيين معتدلين، ليبراليين اقتصاديين، ومستقلين مترددين، وكل منهم له أولويات متباينة، جمعهم تحت مظلة سياسية واحدة دون برنامج واضح سيكون تحدياً كبيراً.
غياب الحلفاء السياسيين..
بعد سنوات من التغريدات المثيرة للجدل وخلافاته العلنية مع دونالد ترامب وعدد من الجمهوريين، يجد ماسك نفسه في عزلة سياسية نسبية، فلا الديمقراطيون يرحبون به، ولا الجمهوريون يثقون بنياته، ما يضعه في موقع صعب كمؤسس حزب يبحث عن قاعدة دعم.
الصبر.. العدو الخفي..
السياسة ليست كالاستثمار التكنولوجي، حيث يمكن رؤية النتائج سريعا، تأسيس حزب فعال يتطلب سنوات من التنظيم الميداني، العمل القاعدي، والتفاعل مع المجتمعات المحلية.. ووفق خبراء، فإن طبيعة ماسك كمستثمر معتاد على النتائج الفورية قد تكون عائقاً كبيراً في مشروع يحتاج إلى نفس طويل.
خلاصة المشهد
"حزب أميركا" هو مشروع طموح يُظهر رغبة في كسر الجمود السياسي في الولايات المتحدة، لكنه يصطدم بواقع معقد وتجربة أميركية طويلة لم تنجح فيها الأحزاب الثالثة في إحداث فرق حقيقي.
يبقى السؤال مطروحا، هل يستطيع ماسك تحويل نفوذه المالي والتكنولوجي إلى وزن سياسي حقيقي؟ أم أن "حزب أميركا" سيصبح مجرد فصل آخر في سجل الإخفاقات السياسية خارج الثنائية التقليدية الأميركية؟